أخبار وطنية الإعلامي محمد كريشان: لهذه الأسباب صوّت التونسيون لنداء تونس
قدّم محمد كريشان الإعلامي التونسي بقناة الجزيرة القطرية قراءة للأسباب التي دفعت بالتونسيين الى التصويت بالاغلبية لحركة نداء تونس في الانتخايات التشريعية من وجهة رأيه وذلك من خلال مقال نشره في صحيفة القدس العربي تحت عنوان "مبروك لتونس ولكن.." كتب فيه الاتي:
" ما من حزب ينشأ حديثا ويستطيع أن يجمع كل هذه الأصوات في أول انتخابات يتقدم لها لولا الدعم الإعلامي الذي لقيه والذي تقف وراءه دوائر عديدة استفادت من حالة الاستياء المشروعة التي خلفها الفريق الحاكم السابق. لقد صوت التونسيون بهذا الشكل لحركة «نداء تونس» لسببين رئيسيين هما:
- الأول: معاقبة حركة «النهضة» والانتقام مما اعتبر مسؤوليتها في جرّ البلاد إلى نقاشات لا وجاهة لها قسمت البلاد بشكل حاد في فترة من الفترات وكادت أن توقعها في صدامات خطيرة، فضلا عن اعتبارها المسؤولة الأولى عن تراجع الوضع الأمني و خاصة تنامي ظاهرة التشدد الديني في المجتمع إلى أن وصلت الأمور إلى الدم و السلاح.
- الثاني: اعتبار قسم كبير من التونسيين أنّ حركة «نداء تونس» تمثل بشكل أفضل نمط المجتمع الذي تعودوا عليه و يطمعون في بقائه، أي ذاك المجتمع المنفتح البعيد عن إكراه نوع معين من التدين أو صرامة الإيديولوجيا أو بريق الشعارات، والقادر على التسامح مع الاختلاف واحترام الحريات الشخصية مع مكانة للمرأة التونسية كما عرفوها في العقود الماضية و ليس كما «استوردت» من مجتمعات مشرقية و خليجية.
لم يكن تصويت التونسيين لحركة «نداء تونس» تأييدا لأطروحات سياسية أو اقتصادية محددة ناهيك عن أن يكون لبرنامج بعينه، بحيث إذا لم تسارع هذه الحركة إلى الاستجابة السريعة لمتطلبات ملحة مثل إعادة الاعتبار إلى العمل وهيبة القانون ومكانة الدولة ونظافة المدن والشوارع وفتح بارقة أمل في قضايا التنمية والتشغيل ومواجهة الفقر وتكاليف الحياة الملتهبة وجلب الاستثمارات الخارجية المترددة فإنها قد تجد الرأي العام وقد بدأ ينقلب عليها خاصة إذا لم توّفق في اختيار الوجوه المناسبة لتحمل أعباء هذه المهام.
أروع ما سجلته الانتخابات التونسية الأخيرة من دروس أنّ الحركات تصعد وتنزل في مسار ديمقراطي، يترسخ تدريجيا ، بناء على قدرتها على التجاوب مع تطلعات الناس وطموحاتهم وأنّ هؤلاء الناس قادرون بدورهم على تعديل الموازين بعيدا عن الانقلابات والعنف والمغامرات. إذا لم تحقق الثورة التونسية سوى هذا… فقد نجحت".